قبيلة بني عمر (المعمري) قبيلة عُمانية عريقة، إلا أنه تعددت أقوال العلماء في أصلها إلى حد التناقض، فيذهب الشيخ سالم بن حمود السيابي إلى أنها نزارية تنتسب إلى عمر بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن (3)، وقد سألت الشيخ نبهان بن سيف المعمري (4) عن مدى صحة ما رجحه الشيخ السيابي، فذهب إلى عدم صحة ذلك مع إقراره كونها نزارية، وأخبرني أنه سأل عددا من أهل العلم عن قبيلة بني عمر (المعمري)، فيذكر أنه سأل الإمام محمد بن عبد الله الخليلي (ت: 1373هـ/1953م) فلم يعطه جوابا شافيا إلا أنه ذكر أن الجحافيين يذكرون أنهم فخيذة من بني عمر، وسأل الشيخ خلفان بن جميل السيابي (ت: 1392هـ/1972م) فقال: أنه بنفسه مرتبك في أمر هذه القبيلة، وكذلك لم يعطه جوابا فصلا، إلا أنه قال: أنه يوجد تصحيف في المفرد فالأصح أن يقال (العُمَرِي) وليس (المَعْمِرِي) وتجمع على بني عُمر، قال الشيخ نبهان: إلا أنه درج على ألسن الناس (المَعْمِرِي)، وبعد رحلة طويلة للشيخ نبهان منقبا عن أصل قبيلة آبائه وأجداده وضع عصى الترحال لدى الشيخ محمد بن سالم الرقيشي (ت: 1387هـ/1967م) حيث أخبره الأخير أن بني عمر نسبة إلى شخص اسمه عمر لديه أخوان آخران هما مهر وريام، مهر استقر في أرض (مهرة) فنسبت إليه ولم يلحق بمالك بن فهم إلى عُمان، وريام وعمر لحقا بمالك بن فهم إلى عُمان، فنسبت قبيلة بني عمر إلى عمر، وقبيلة بني ريام (الريامي) إلى ريام (5)، فاطمأن الشيخ نبهان إلى هذا القول واستقر عليه (6).
وقد سألته –أعني الشيخ نبهان– عن نسب عمر هذا، فقال: أنه لا يحفظ في ذلك شيئا، ولم يتتبع ذلك عندما كان يبحث عن نسب قبيلة بني عمر(1) .
وبناء على ما ذكره الشيخ نبهان المعمري نقلا عن الشيخ الرقيشي من أن عمر وريام ومهر أخوة، وريام كما يذكر الشيخ سالم السيابي هو ريام بن الحارث بن عبد المدان بن حمير بن رعين بن زيد بن الغوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن شداد بن الهاد بن حمير الأصغر بن سبأ بن كعب بن زيد الجمهور بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس ابن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج بن حمير الأكبر بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام(2)، فبذلك نصل إلى نسب عمر فيكون عمر بن الحارث بن عبد المدان بن حمير... بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام.
وإذا أخذنا بما قاله الشيخ العَوْتَبي (ق 4هـ) في كتابه (الأنساب) من أن قبيلة بني ريام تعود إلى ريام بن قمر بن الآمري بن اصطمري بن مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير(3) ، فيكون عمر هو عمر بن قمر بن الآمري بن اصطمري بن مهرة... بن مالك بن حمير.
والحقيقة أنني لم أجد في كتب الأنساب وغيرها من المصادر التي وقفت عليها من ذكر أن مهر وعمر وريام أخوة، بل وجدت أن مهر جد لقمر والد ريام، إلا أنها ذكرت أن مهر استقر بأرض (مهرة)، وقد كان مهر هذا معاصرا لمالك بن فهم وخرج برفقته من اليمن واستقر بأرض نسبت إليه وهي (مهرة)، فتذكر مصادر الأنساب في نسب قمر أنه: قمر بن الآمري بن اصطمري بن مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعـة بن مالك بن حمير (1)، فالذي يظهر أن عمر وريام أخوة أو من بيت واحد من أولاد قمر بن الآمري... إلخ النسب، هاجرا من أرض (مهرة) إلى عُمان واستقرا بها، فنسبت بني ريام إلى ريام، وبني عمر إلى عمر والله أعلم.
وهناك من ذهب إلى أن المعمريين أو بني عمر قبيلة قحطانية يتصل نسبها إلى معمر بن زبيد بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سباء بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود النبي عليه الصلاة والسلام(2) ، إلا أن الشيخ نبهان رد هذا القول مرجحا نسبة هذه القبيلة إلى عمر أخو مهر وريام الذي لحق بمالك بن فهم إلى عُمان كما مر(3) ؛ ويوجد قول ضعيف ينسب هذه القبيلة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلا أن الشيخ سالم بن حمود السيابي ضعف هذا القول، وكذلك ضعفه الشيخ نبهان المعمري(4) .
إذا فنخلص مما سبق إلى أن قبيلة بني عمر (العُمري=المعمري) تنتسب إلى عُمر بن قمر بن الآمري بن اصطمري بن مهرة بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير، معتمدا في ذلك على فرض كون عمر وريام أخوة حسب كلام الشيخ الرقيشي، وبتقديم قول علماء الأنساب المتقدمين كالعوتبي (ق: 4هـ) وغيره من أن ريام هو من ولد قمر بن الآمري... إلخ النسب، مقدمين ذلك على قول الشيخ سالم السيابي في كتابه (الأنساب) الذي ذكر أن ريام من ولد الحارث بن عبد المدان بن حمير... بن يعرب بن قحطان بن هود عليه السلام كما مر، لكون الشيخ السيابي متأخر، والقضية تحتاج إلى مزيد بحث وتحقيق من المهتمين بعلم الأنساب والله أعلم.
لم تصرح المصادر بأسماء العلماء الذين أخذ عنهم، ولكن الذي يظهر أن الشيخ صالح بن سعيد بن زامل الخراسيني (حي: 1059هـ/1649م) المشهور بالزاملي كان من أشياخه، حيث أننا نجد الشيخ صالح المعمري يوجه العديد من الأسئلة في مختلف القضايا العلمية إلى الشيخ الزاملي كما سيأتي ذكره عند تناولنا لبعض هذه المسائل، مما يوحي بأخذ الشيخ المعمري العلم عن الزاملي وخاصة أن هذا الأخير من أهالي نزوى، وكان ممن شارك في بيعة الإمام ناصر بن مرشد وتولى القضاء له(1)؛ كذلك فقد عاصر الشيخُ صالحُ المعمري عددا من فحول العلماء ومن غير المستبعد ألا يكون أخذ العلم عنهم، نذكر منهم على سبيل المثال الشيخ العلامة خميس بن سعيد الشقصي (ت بين: 1059هـ/1649م-1090هـ/1679م) صاحب كتاب (منهج الطالبين) والذي كان على رأس من بايع الإمام ناصر بن مرشد(2)، والشيخ مسعود بن رمضان النبهاني النزوي والذي أيضا ممن شارك في بيعة الإمام ناصر بن مرشد(3)، والشيخ عبد الله بن محمد بن غسان الكندي مؤلف (خزانة الأخيار)(4).
وأما طلابه فلم أقف –حسب المصادر التي توفرت بين يدي– ما يفيد بهذا الخصوص، إلا أننا نجد الشيخ عبد الله بن محمد الخراسيني (ت بين: 1101هـ/1689م-1111هـ/1699م) صاحب كتاب (فواكه العلوم) ينقل عنه العديد من المسائل والأقوال(5)، إلا أنه لم يتضح لي هل ينقلها عنه مباشرة أم عمن حفظها عن الشيخ صالح بن سعيد؟ فعلى فرض أن الشيخ الخراسيني ينقلها عنه مباشرة فيمكن أن نعده من طلابه الذين أخذوا عنه العلم.
منقول